يحكى أنه أمام المحيط الكبير وعند شاطئه الفسيح وقف طفل صغير عن اللعب مع أخته الصغيرة بعدما أثار نظره إلى نجمة بحر قذفتها الأمواج الهائجة لتتوالى النجمات في الترامي على الرمال خافت الطفلة وهربت مذعورة إلى منزلهم القريب من الشاطئ .
وبعد ثوان من التأمل قرر الصبي أن يجري نحو النجمة ليعيدها إلى المحيط قبل أن تموت وكلما أعاد نجمة إلى البحر قذفت الأمواج بالعشرات، و لكن الصبي لم يكترث بذلك وراح بجد ونشاط يقوم بدوره الإنساني الإيجابي نحو نجوم البحر .
فجأة ناداه فيلسوف كان يتابع نشاطه وقال له : يا بني لماذا تعيد نجوم البحر إلى موطنها ؟ يا بني ألا ترى ملايين النجوم قد تناثرت على الشاطئ ؟
قال الصبي : إنني أشعر بالسعادة لأنني أحاول أن أخدم الآخرين، أنني أبذل الذي أستطيعه جمعه وإعادته .
قال الفيلسوف : إن نجمة البحر التي أنقذتها قد تلفظها الأمواج من جديد فتعود إلى الساحل وتموت، يا بني انظر إلى ملايين النجوم انك لم تصلح شيئاً .
انظر إلى الأمام انظر بواقعية قال الصبي : لقد شغلتني بحوارك هذا عن عملية الإنقاذ فاتركني لأعمل واجلس أنت في برجك العاجي وانظر إلى موت الملايين من نجوم البحر دون أن تحرك ساكنا أما أنا فسعادتي بأن أبذل وأسعى في انتشال مما يمكن انتشاله .
مضى الصبي يلقي بالنجوم إلى المحيط ويطرب بسماع صوت الأمواج دون إحباط ويواجهها بالأمل اليافع و العمل النافع غير عابئ بالفيلسوف الذي حاول أن يسبح في محيط الأفكار ولكنه غرق مع أمواج وأفواج القنوط و التثبيط .
لم يعلم الفيلسوف أن المطلوب منه هو السعي في الإصلاح مهما كانت الجراح إذا استضأنا بنور تلك الأقصوصة نجد أن أعداد المدمنين على المخدرات المنحرفين المقصرين لا تنحصر ولكن أبواب الأمل يجب أن لا تقفل، وكل جهد ولو كان بسيطاً يجب أن يبذل لسد الخلل و علاج الزلل .
لقد عاش الطفل في أعماق الحياة فغرس الأمل على طول رمال الساحل وعاش الفيلسوف على هامشها فلم ينفعه علمه الواسع في خدمة الواقع .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق