يحكى أن رجلاً أتى إلى أحد المدن وقد التف الناس من حوله وصار في المدينة هرج ومرج كثير وكل يوم والناس حول هذا الشخص بازدياد، تقدم رجل من أهل الذكاء والعقل والفطنة، وسأل عن سبب هذا الزحام الشديد حول هذا الرجل الغريب.
فأخبروه ان هذا الرجل يحمل توكيلا من الله وهو يقوم الآن ببيع قطع من اراضي الجنة ويمنح بذلك سندات ومن مات ومعه هذا السند دخل الجنة وسكن الارض التي اشتراها هناك.
احتار الرجل في كيفية اقناع هذا الكم الهائل من الناس بعدم صدق هذا الرجل وان من اشترى منه قد وقع في تضليله وتدليسه إلا أنه وجد من يزجره ويمنعه من المحاولة في هذا الاتجاه لإن بساطة الناس وقلة وعيهم دفعتهم الى التصديق المطلق بهذا الدجال.
وفي النهاية اهتدى الرجل الذكي الى حل عبقري حيث تقدم الى الرجل الذي يبيع قطعا في الجنة فقال له كم سعر القطعة في الجنة؟
فاخبره ان القطعة بـ 100 دينار.
فقال له: وإذا أردت أن أشتري منك قطعة في جهنم بكم؟ أتبيعها لي؟
فاستغرب الرجل ثم قال خذها بدون مقابل، فقال الرجل الذكي: كلا، لا أريدها إلا بثمن أدفعه لك وتعطيني سندا بذلك.
فقال له سأعطيك ربع جهنم بـ 100 دينار سعر قطعة واحدة في الجنة.
فقال له الرجل الذكي : فأن اردت شراءها كلها فقال الدجال عليك ان تعطيني 400 دينار، وفي الحال قام الرجل الذكي بدفع الـ 400 دينار إلى الدجال، وطلب منه تحرير سنداً بذلك وأشهد عددا كبيراً من الناس على السند.
وبعد اكتمال السند قام الرجل الذكي بالصراخ بأعلى صوته أيها الناس لقد اشتريت جهنم كلها ولن اسمح لاي شخص منكم بالدخول إليها لإنها صارت ملكي بموجب هذا السند أما انتم فلم يتبقى لكم إلا الجنة وليس لكم من مسكن غيرها سواء اشتريتم قطعا أم لم تشتروا.
عند ذاك تفرق الناس من حول هذا الدجال لأنهم ضمنوا عدم الدخول الى النار بسند الرجل الذكي ، وأدرك الدجال بأنه أغبى من هؤلاء الذين صدقوا به.
قصصت هذه الرواية على رجل كبير السن فقال لي : وهل تعجب من أمر هؤلاء الناس.
فقلت: نعم ايوجد أناس بهذا المستوى من التفكير؟
فاجابني الرجل: نعم أغلبنا بمثل مستوى تفكيرهم رغم انهم أفضل نية منا.
فقلت له: كيف أيها الرجل؟
فقال: من يتعاطى الخمر هل يجدها ملقاة على الطريق ام يذهب لشرائها بماله الخاص؟
فقلت: بل يشتريها بماله الخاص.
قال: ومن يقصد بيوت الهوى، ومن يلعب القمار، ومن يتناول المخدرات وغيرها كلها أموال ندفعها من جيوبنا لنشتري لأنفسنا بها قطعاً في جهنم، أليس كذلك؟
بينما نترك الصلاة والصيام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والقنوت والدعاء وغير ذلك الكثير إلخ، رغم توفره بدون أن ندفع من جيوبنا شيئاً ولانقبل ان نشتري جنة الله حتى ولو بدون أن ندفع أو نخسر شيئا فمن الاصلح هؤلاء ام هؤلاء؟
فأطرقت نظري الى الارض وأنا اسأل الله أن يجعلني ممن يسعون إلى نيل رضا الباري عز وجل بالافعال والاقوال وما رزقني من المال.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق